الجمعة، 3 أبريل 2015

موريتانيا .. ولعبة الجنرال

أحمد ولد إسلم
ahmed3112@hotmail.com

لم يكن مفاجئا لكل من طالعته أخبار تفصيل بزة الجنرال الموريتاني أن تمنح لمن أعلن عنهم، فقد كانت كل المعطيات تؤشر إلى ذلك منذ التعيينات الأخيرة التي شهدتها المؤسسة العسكرية ، وكان بينا منها تمهيد الطريق لإشباع نزعة السلطة لدى من لم يكفه تبوأ منصبين في آن واحد، ليمنح سلطة التحكم في قيادات الأركان مجتمعة عله يجد فيها ما يشغله عن شؤون ساكنة القصر الرمادي.

فتبسيط شروط الوصول إلى رتبة الجنرال بوضع معايير استثنائية يرقى بموجبها إلى الرتبة كل عقيد زادت أقدميته على السنتين ووافق هوى السلطان، لدليل أن لا معول على الجيش.
فما الذي سيستفيده المواطن البسيط من استحداث مناصب في الجيش سوى اقتطاعها رواتب وعلاوات جديدة يتطلبها زخم الاسم؟.
فلو أن وجود جنرالات في الجيش الموريتاني يوفر خبزا لامرأة تداري النوم عن جفنيها في حي شعبي لتقنع أطفالها بأن قراءة سورة الإخلاص عشر مرات قبل النوم تشبعهم من غير طعام...
لو كانت رتبة الجنرال تجعل المواطن البسيط يغادر منزله صباحا دون أن يوصى ذويه بودائعه، أو يخبرهم بسر ظل حريصا على عدم إفشائه إلا لحظات قبل موته، لأنه لا يدري إذا غادر المنزل أيعود إليه أم يعود نعشه...
لو أن المرأة تخرج من بيتها صباحا وهي غير مضطرة للالتفات يمنة ويسرة مخافة أن ينقض عليها وحش بشري في غفلة من الأمن أو أمام ناظريه لأن الجيش فيه جنرال...
لو كان وجود الجنرال في الجيش يغني الجندي البسيط عن السير على قدميه عشر كيلومترات يوميا ليصل مقر عمله وسط العاصمة ، لأنه لا يملك تذكرة حافلة مهترئة يتزاحم فيها من لم تسعفهم مواردهم بمبلغ 100أوقية للازدحام في سيارة الأجرة...
لو أن هيبة الجنرال تمنع سفاحين من ذبح جنود موريتانيين وإرواء ظمإ الرمضاء بدمائهم دون أن يحسوا أن قوة ردع أو ملاحقة قادرة عليهم...
لو أن الجنرال يمنع متهما بارتكاب جريمة غدر على أراضى موريتانيا من مغادرة أكثر القصور في العاصمة حيطة وأمنا وأكبرها رمزية للسيادة في وقت الزوال، لإحساسه أن مصالح الأمن وأجهزته مجرد لوحات كتبها خطاط غير محترف وعلقت على باب خشبي مكسور، ويكفي للمرور بين يدي أصحابها أن تتلثم أو تصافح أحدهم وفي يدك 100أوقية ...
لو أن أي شيء من ذلك يحصل أو يمنع لوجود جنرالات في الجيش الوطني لطالب الشعب المنهك بترقية كافة الضباط إلى جنرالات ،ولأقام مظاهرات واحتجاجات يقتل فيها الحرس الوطني من شاء من البسطاء حتى يتحقق المطلب مهما كلف من ثمن.
أما وذاك غير موجود ولا مأمول، فلا قيمة لنياشين يعلقها أباطرة على ثياب مستورد قماشها وولاءها.،فلا تزيد الخائف إلا هلعا ولا الجائع إلا سغبا ولا العريان إلا تلفعا بأسمال لا يجد خيطا لترقيعها ،فتزيد المرارة في نفوسهم وهم يتابعون على شاشة تلفزيون جيرانهم توشيح بيادق مذ سمعوا بها لم يلمسوا لها نفعا، وقد بلغهم من ضرها ما أوصلهم إلى ما هم عليه .
إن أخشى ما يخشاه الموريتانيون اليوم ؛أن تكون هذه الترقيات وهذه القرارات المرتجلة قد اتخذت بناء على اتفاق مسبق بين العسكر ومرشحيهم، وهو أمر لا يخالج البسطاء فيه شك وما عاد بإمكان الرئيس ومنظريه التلبيس عليه.
لقد بلغ السيل الزبى ،وبلغت قلوب المواطنين الحناجر غيظا وحنقا، وسيدرك المرتجلون قراراتهم أن الدولة لا تسير اعتباطا.
فلينتظر الموريتانيون ما ستسفر عنه استفزازات مشاعر البائسين يوم تزلزل الأرض زلزالها وتتطاير الشظايا.. يوم يبحث العقيد والجنرال عن ملاذ لم يبنه أيام عزه..يوم لا تجدي الخطابات عن الخطة الاستعجالية والوحدة الوطنية وعودة اللاجئين ومحاربة الاسترقاق ..
فلا يلومن يومئذ عقيد ولا رئيس ولا جنرال إلا نفسه، ولا تلم أيها المواطن المقهور إلا وطنك الذي كتب عليك القدر أن تولد على ثراه وتموت دون أن تعرف السبب...

هذا المقال نشر يوم تعيين ولد الغزواني وولد عبد العزيز جنرالين .. لم يتغير شيء سوى أن عدد الجنرالات في الجيش بلغ عشرين جنرالا

ليست هناك تعليقات: