الجمعة، 24 أكتوبر 2008

على هامش حديث مقتضب

أحمد ولد إسلم
عدت إلى غرفتي ، كانت كلماتك لا تزال ترن في إذني ، همسك الناعم كنسيم هب سحرا ، يربكني ، يغير تعرجات خارطة ذاكرتي ، أحاول تصور شكل معين لك ، لون لك خارج ألوان قوس قزح ، أجهد نفسي ، أستعيد كل الوجوه التي رأيتها يوما ، كل الوجوه المشرقة بالجمال الناصع ، أتأمل كل وجه منفردا ، استخلص من كل واحد أحسن ما فيه ، لجعله منك ، ترتبك تفاصيل الخطوط ، أنظر إلى اللوحات الجميلة التي تزين غرفتي ، وأتنهد .....
آه ..لو كنت رساما ... لرسمتك على لوحة ناصعة البياض ، بخطوط رفيعة،... لرسمت وجهك في شكل ثلاثي الأبعاد ، لأنظر إليك من كل زاوية ، لأكتشفك في كل نقطة لون..
آه ...لو كنت شاعرا ...لكتبتك قصيدة عصماء، فوق رق منشور ، أعلقه في زاوية حصينة من ذاكرتي ، لاخترت لك عنوانا من لغة جديدة ، لم يتوصل إليها العلم بعد ، لغة لا تنطق...
لكن لست رساما... ، لست شاعرا .....
أعود إلى الحديث، أجلس على حافة الصمت ، أتأمل كلماته ، أعيد ترتيب حروفه...لأستخرج جملا جديدة لأضمنها متن قصتي التي لم تنشر ، كقصيدة لشاعر أعرفه ، تذكرت منها مقطعا يقول: من خلف شاشتك الصغيرة تكتبين ....ونسيت البقية ....
أتفصح من جديد ملامح الحرف لأستنسخك منه ، تتداخل الحروف ، تتشعب الجمل ، وتتمازج اللغات، لغة الصدق ، ولغة الجرأة ، ولغة الخيال....
لا دليل عندي يثبت أنك أنت من كانت تحدثني ، وحده الإحساس ، وحده الحدس الثاقب ، يؤكد ذلك ، ولكن من أنت ؟ من أي فج عميق في تضاريس الحب المتشعبة دخلت ؟ من منحك تأشيرة الدخول ؟ وما رقم جوازك ؟
تتكسر الأسئلة على شاشتي ، وتتماوج في دوائر مسترسلة كأثر نقرة طائر صدي، خطف رشفة من غدير ،وحلق بعيدا... ، ويكبر السؤال كلما أوغلت في دهاليز الحيرة ...
وأعود إلى هامش الحديث المقتضب أتأمله من جديد في محاولة سيزيفية للنجاح ...
لماذا أتيت في هذا الوقت بالذات من السنة؟ ، لماذا اخترت اليوم بالذات ؟ أعود إلى متن الحديث ؟ نسيت أن أطرح عليك هذا السؤال ....ولكن هل حقا كنت مدركا ما أقول لك؟ هل كنت في كامل وعيي وأنا أسابق الحروف لأخترق الشاشة إليك...
آه ..لو تطور العلم ، لو استطعت أن أتحول إلى ملف صغير مرفق في رسالة إليك ، تفتحينها مع ابتسامات الورود الصباحية ، تستمعين إليها مع برنامج صباح الخير يا وطني ....
لو كنت خوارزمية مركبة في أحد الملفات التي ترسل بالبريد الألكتروني ، حينها كنت سأكون حصان طروادة ، أتسلل عبر بريدك ،أغريك بفتح الرسالة ...لأجد نفسي معك على حاسوب واحد ، معك على طاولة واحدة .....
لكن العلم لم يتطور بعد...
رسمت نفسي توقيعا ختاميا للحديث ، وجلست على هامشه ..أبحث عن سؤال لجواب لا أعرف كنهه....وأغلقت الجهاز...

ليست هناك تعليقات: